الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
المسلم الحقيقي من سلِمت سمعة المسلمين من لسانه ويده:
أيها الإخوة الأكارم؛ لا زلنا مع اسم السلام، هذا الاسم العظيم له تطبيقات، فمن تطبيقات اسم السلام قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام البخاري من حديث
(( عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده. ))
وقد يتبادر إلى الذهن أنه لا يؤذي المسلمين، والمعنى أعمق بكثير، المسلم الحقيقي من سلِمَت سُمعة المسلمين من لسانه ويده، المسلم إذا آذى مسلماً يقول هذا المسلم: فلان قد آذاني، أما إذا آذى غير مسلم يقول: المسلمون فعلوا معي كذا، يترك الذي ناله بالأذى وينقل التهمة إلى دين الإسلام.
على كل مسلم أن يَعُدّ نفسه سفير المسلمين:
لذلك هذا الحديث من أجَلّ تطبيقات اسم السلام، أنت على ثغرة من ثُغَر الإسلام فلا يؤتين من قبلك، لا تُسَبب للمسلمين إذا عاملت غير المسلمين سمعة سيئة، لا بلسانك، ولا بيدك، الواقع الآن أن قِلة قليلة من المسلمين تسيء التصرف إساءة بالغة مع غير المسلمين، غير المسلمين يطلقون أحكاماً عامة على كل المسلمين، وكأن هذا الدين قد حُجِب بأتباعه، والمقولة الدقيقة: الإسلام محجوب بالمسلمين، أنت إذا أسأت إلى غير المسلم، إن كنت تقيم في بلد غربي، وكتبت تصريحاً كاذباً، أو احتلت، أو أخذت ما ليس لك، أنت بهذا العمل لا تسيء إلى نفسك، بل تسيء إلى مجموع المسلمين، وقد تصل الإساءة إلى دين الإسلام، فكل مسلم ينبغي أن يَعُدّ نفسه سفير المسلمين.
أرأيت إلى السفير؟! يتأنق في ملبسه، يضبط كلامه، يضبط حركاته وسكناته، لأنه في هذا البلد يُمثِّل دولته، فأي خطأ يرتكبه ينسحب الخطأ على دولته، المؤمن الصادق يحمل هذا الشعور، لا يُسبب سمعة سيئة للمسلمين من خلال تصرفاته.
أقسم لكم بالله لو أن الجاليات الإسلامية في العالم كانت مسلمة حقيقة، وطبقت منهج الله عز وجل، لكان موقف الغرب من المسلمين غير هذا الموقف، لكن يرون مسلماً يحتال عليهم، يُقَدّم تصريحاً كاذباً، يفعل شيئاً لا يرضي الله، أو يفعل شيئاً في مقياس الحضارة مستهجاً، ودائماً وأبداً قلة قليلة جداً من الناس يعطون أحكاماً موضوعية، لكن الكثرة الكثيرة يطلقون أحكاماُ عامة.
على كل إنسان أن يكون مصدر سلام لمن حوله:
الآن في حقل الدعاة، لو أن داعية أساء، الطرف الآخر يتهم كل الدعاة، الذي أساء واحد، لكن الطرف الآخر حينما خرج عن منهج الله عنده اختلال توازن، كيف يُرَمم هذا التوازن؟ بإلقاء التهم العامة لكل الدعاة، فحينما يسقط الإنسان ليته يسقط وحده، لكنه يُسقِط معه من ينتمي إليهم، وهذا معنى الحديث الشريف: ((المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده)) .
أي قبل أن تتكلم، قبل أن تكتب تصريحاً، قبل أن تتصرف، مع غير المسلمين انتبه إلى أنك سفير المسلمين، والسفير يجب أن يظهر بأعلى مستوى، احمِل همّ المسلمين، ليكن في نفسك غيرة عليهم، لا تُسبب لهم سمعة سيئة، أما ألا تؤذي المسلم معنى بديهياً، أما المعنى الأعمق المسلم من سلم المسلمون، أي سلمت سمعة المسلمين من لسانه ويده، وفي صحيح البخاري،
(( عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَه. ))
أي شروره، وغوائله، أنت آمنت باسم السلام يجب أن تكون أنت مصدر سلام لمن حولك.
شرّ الناس من اتّقاه الناس مخافة شره:
(( عن عائشة أم المؤمنين: استأذنَ رجلٌ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا عندَهُ فقالَ بئسَ ابنُ العشيرةِ أو أخو العشيرةِ ثمَّ أذِنَ لهُ فألانَ لهُ القولَ فلمَّا خرجَ قلتُ لهُ يا رسولَ اللَّهِ قلتَ لهُ ما قلتَ ثمَّ ألنتَ لهُ القولَ فقالَ يا عائشةُ إنَّ من شرِّ النَّاسِ من تركهُ النَّاسُ أو ودعهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فُحشِهِ. ))
شركم من اتّقاه الناس مخافة شره، إذا وصل الإنسان إلى إيذاء من حوله، ومن حوله خافوه لا تحفل بهذه المكانة، هذه مكانة إبليسية، شرّ الناس من اتّقاه الناس مخافة شره، يجب أن تبُث فيمن حولك الطمأنينة، يجب أن يحسَّ من حولك أنه لن ينالهم أذىً من قِبَلك، مصدر سلام، كيف أن الله من أسمائه السلام، ويعطي عباده السلام، أيضاً أنت أيها المؤمن يجب أن تكون مصدر سلام لمن حولك، أوضح الأمثال: شاب تزوج، لا يحلو له المزاح مع زوجته إلا بموضوع الطلاق، هو يمزح معها، لكنه بهذا يهزّ أركانها، يجب أن تطمئنها، السيدة عائشة حدّثت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل كان زوجاً مثالياً، ثم تأسفت في نهاية الكلام بأنه طلقها، هذا الرجل اسمه أبو زرع، بعد أن انتهت من قصتها قال: أنا لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك.
طمئن، ليكن من حولك مطمئن لك، إذا آمنت باسم السلام تخلّق بهذا الكمال، بُثّ الطمأنينة فيمن حولك، لا تكن مُقلِقاً لهم، لا تكن مصدر رعب لهم، لا تَبُث الرعب في قلوبهم، طبق اسم السلام فيمن حولك.
على كل إنسان أن يسلك في حياته اليومية سبل السلام:
أيها الإخوة؛ من تطبيقات هذا الاسم أن يسلُك المسلم في حركته اليومية سبل السلام، أي إذا أقمت زواجك على منهج الله، غضضت بصرك عن محارم الله، أديت واجب الزوجة، وأعطيتها حقها، فقد سلكت في زواجك سبل السلام، وإذا اعتنيت بأولادك عناية فائقة، ربيتهم، وغرست فيهم العقيدة الصحيحة، والخُلق القويم، أنت سلكت مع أولادك سبل السلام، وإنك إن عاملت من حولك معاملة وفق منهج الله أحبوك، وكان الطريق إليهم سالماً.
من طبق منهج الله عز وجل عاش في سلام مع نفسه ومع الله ومع من حوله:
أيها الإخوة الكرام؛ الآية الكريمة دقيقة جداً يقول الله عز وجل:
﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)﴾
هل هناك من حالة أعظم من أن تكون في سلام مع الله؟ في سلام مع نفسك؟ في سلام مع أهلك؟ مع أولادك؟ مع جيرانك؟ مع زبائنك؟ مع مواطنيك إذا كنت موظفاً؟ أنت حينما تطبق منهج الله تكون في سلام معهم، في أية حرفة حينما تصدُق وتنصح فأنت في سلام، لك مكانة كبيرة، الله عز وجل يقول: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ أنت في سلام، اسم السلام من أدق الأسماء، ومن أقربها إلى المؤمن، لا يوجد إنسان إلا ويبحث عن السلام، هل تصدقون أن سورة الفتح نزلت عقِب صلح الحديبية:
﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)﴾
لا لأنك حاربت، ولكن لأنك وقّعت اتفاقية سلام مع كفار قريش، الناس يحبون السلام، والله عز وجل هو السلام.
أيها الإخوة؛ هذه الأسماء أسماء الله الحسنى لها تعاريف نظرية، كما كان في الدرس السابق، ولها تطبيقات عملية، وهي أنواع، أنواع أسماء الله الحسنى، هناك أسماء ذات، وهناك أسماء صفات، وهناك أسماء أفعال، اسم ذات، اسم صفات، اسم أفعال، فذات الله سلام، والسلام من صفات الله عز وجل، ويهَب السلام لعباده، إذاً من أسماء الأفعال.
أيها الإخوة؛ يمكن أن ترى هذا الاسم من خَلق الله، كنت أقول دائماً: إن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى، فمثلاً: الإنسان ينام، هيكله العظمي له وزن، والعضلات التي فوق الهيكل العظمي لها وزن، وزن الهيكل مع ما فوقه من عضلات تضغط على ما تحته من عضلات، فإذا ضغطت الأوعية الدموية تضيق لمعتها، الله عز وجل أودع في الإنسان مراكز للإحساس بالضغط، فإذا ضُغِطت العضلات ومعها الأوعية التي تحت الهيكل العظمي، هذه المراكز مراكز الضغط تعطي إشارة إلى الدماغ، لقد ضُغِطنا، الدماغ يعطي أمراً إلى العضلات فينقلب الإنسان على شِقه الآخر، وهو نائم، تصوروا إنساناً نائماً تقلّب قريب من أربعين مرة قال تعالى:
﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)﴾
تقلُّب الإنسان في نومه من أجل سلامته، الإنسان إذا أصيب بمرض السبات لابد من تقليبه، وإلا يتفطر لحمه، ينسلخ لحمه، وهذا من آيات الإعجاز العلمي، لولا أن أهل الكهف الذين مكثوا في كهفهم ثلاثمئة عام، لو أن الله قلّبهم لماتوا بعد شهر من إيوائهم في الكهف، ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ فالتقليب تطبيق عملي لاسم الله السلام.
2ـ عملية البلع والإنسان نائم:
أنت نائم، وأنت غارق في النوم يتجمع اللعاب في فمك، تذهب إشارة إلى الدماغ، لقد زاد اللعاب في الفم، الدماغ يعطي أمراً وأنت نائم إلى لسان المزمار، فيُغلق فتحة الهواء، ويفتح فتحة المريء، ويسري اللعاب إلى المعدة، هذا يتم من حين لآخر أثناء النوم، وأنت نائم، هذا من اسم السلام.
3ـ حركة القلب اللا إرادية:
لو أن الله ملّكك حركة القلب، مستحيل أن تنام، إذا نام الإنسان مات فوراً، لكن حركة القلب لا إرادية، تولاها عنك، تنام نوماً عميقاً والقلب ينبض، لو أن الله أوكل إليك حركة الرئتين، يوجد مركز بالدماغ مركز التنبيه النوبي، هذا المركز أحياناً يتعطل بحالات نادرة جداً، ما معنى تعطُّل هذا المركز؟ ممنوع النوم، ينام يموت فوراً، يجب أن يتنفس تنفساً إرادياً حتى لا يموت، طبيب في دمشق توفاه الله عز وجل أصيب بهذا المرض، جاؤوا له بدواء من أمريكا، يجب أن يأخذه كل ساعة، لذلك يهيئ أربعة منبهات، ينام الساعة التاسعة يستيقظ الساعة العاشرة يأخذ حبة، ينام يستيقظ الحادية عشرة، الثانية عشرة، الواحدة، الثانية، الثالثة، الرابعة، ذات مرة جاء ابنه من بلاد بعيدة، من شدة فرحه لم ينتبه للمنبهات الأربع، وفي الصباح وجدوه ميتاً.
أنت منتبه لهذه النقطة تنام والرئتان تعملان بشكل آلي؟ من أسماء الله السلام، عمل الرئتين وأنت نائم، عمل القلب وأنت نائم، عمل البنكرياس والمرارة، آليات معقدة جداً تتم وأنت نائم.
4 ـ حفظ الدماغ بصندوق خشبي لتفادي الصدمات:
أيها الإخوة؛ من أسماء الله السلام أن الله وضع دماغك في صندوق عظمي، ولئلا يُكسر هذا الصندوق، لئلا يكون سريع العطب له مفاصل ثابتة، أي ممكن إذا إنسان وقع على الأرض، وارتطم رأسه بالأرض، أن تتداخل قطع الجمجمة تداخلاً صغيراً جداً، هذا التداخل يمتص الصدمات، وجعل سائلاً بين الجمجمة وبين الدماغ، أيضاً هذا السائل يمتص الصدمات، هذا من اسم السلام.
5 ـ حفظ النخاع والقلب ومعامل كريات الدم والرحم في أماكن محصّنة:
أين وضع نخاعك الشوكي؟ في سلسلة عظمية، في الظهر، أين وضع القلب؟ في القفص الصدري، أين وضع أخطر معمل في جسم الإنسان معامل كريات الحمراء؟ في نقي العظام، أين وضع الرحم؟ في الحوض، كلها أماكن مُحصّنة، الدماغ في الجمجمة، والنخاع الشوكي في العمود الفقري، والرحم في الحوض، والقلب في القفص الصدري، والعين في المحجر، هذا التجويف لولاه لفقد معظم الناس عيونهم، أليس هذا من اسم السلام؟
الماء يزداد حجمه في الدرجة زائد أربع، ينفرد الماء من بين كل عناصر الكون أنه على التبريد في درجة زائد أربع يزداد حجمه، بدل أن ينكمش لولا هذه الخاصة الاستثنائية لما كان هذا الدرس، ولما كانت دمشق، بل لما كانت حياة على وجه الأرض، لو أن الماء إذا تجمد انكمش، أي ازدادت كثافته، أي غاص إلى أعماق البحار، بعد حِقب عديدة تصبح البحار كلها متجمدة، وينعدم التبخر، وتنقطع الأمطار، ويموت النبات، ويموت الحيوان، ويموت الإنسان، هذه الظاهرة.
6 ـ حفظ العين من التجمد:
أيها الإخوة؛ لأن الله سلام، وذهب أحدنا إلى بلد في شمال الأرض في المنطقة القطبية، يضع قبعة على رأسه، قفازات في يده، يرتدي ثياباً صوفية، كل شيء له احتياط، إلا العين هل بإمكانه أن يغطيها؟ لا يستطيع، العين فيها ماء، والماء يلامس جو حرارته تقدر بتسع وستين تحت الصفر، نظرياً يجب أن يفقد كل إنسان بصره هناك، لكن الله لأنه سلام أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد، هذا من تطبيقات اسم السلام.
7 ـ آلية المص عند الوليد حديثاً:
الطفل الآن يولد، لا يوجد قوة في الأرض يمكن أن تُعلِّمه آلية معقدة جداً ألا وهي المص، يجب أن يضع شفتيه حول حلمة ثدي أمه، وأن يُحكِم الإغلاق، وأن يسحب الهواء، هذا منعكس آلي يولد مع الطفل، لو أنه في أثناء تغسليه بعد الولادة مباشرة وصلت إصبع الممرضة إلى شفتيه مصها، معه آلية المص، سمّاه العلماء: منعكس المص، والله لولا هذا المنعكس لما كان هذا الدرس، ولما كان إنسان على وجه الأرض، والله عز وجل لحكمة بالغة بكل خمسمئة ألف ولادة يأتي طفل لا يوجد معه منعكس المص يموت فوراً، هل هناك قوة تعلمه؟ يا بابا الله يرضى عليك من أجل ألا تموت ضع شفتيك على حلمة ثدي أمك، وأحكم الإغلاق، واسحب الهواء، يأتيك الحليب، لا يوجد قوة تُعلِّم الطفل، الله زوّده بمنعكس آلي يمصّ ثدي أمه بإحكام، وبدقة، وبمهارة، وقد وُلِد لتوه، هذه من تطبيقات اسم السلام.
من الذي يمنع أن نفهم أسماء الله الحسنى من خلال خلقه؟ ما الذي يمنع أن نفهم أسماء الله الحسنى من خلال الكون؟ من خلال خلق الإنسان؟ من خلال خلق الحيوان؟ خلق النبات؟
8 ـ الثقب بين الأذينين عند الجنين:
أيها الإخوة؛ الدم لابد من أن يُجَدد بالأوكسجين، فالطفل في بطن أمه الأوكسجين معطل، التنفس معطل، يوجد رئتين، لكن لا يوجد هواء، من فتح ثقباً بين الأذينين؟ كشفه عالم فرنسي اسمه بوتال، من فتح هذا الثقب؟ ينتقل الدم من أذين إلى أذين، لمجرد أن يولد هذا الطفل تأتي جلطة، وتُغلق هذا الثقب، يد من؟ افهم اسم السلام هكذا.
9 ـ جهاز التوازن في الأذن:
إذا قلت: الله السلام أي هيأك، أنت حينما تمشي على قدمين لطيفتين، لولا جهاز التوازن في الأذن لا يمكن لإنسان أن يقف على قدميه، هل بإمكان أهل الأرض أن يجعلوا ميتاً يقف؟ مات، أوقفه لنرى؟ مستحيل، لأن أقل حركة تتفاقم يقع، أما أنت عندما تميل ميلاً قليلاً هناك جهاز معقد جداً في الأذن، يوجد سائل، ويوجد قنوات، ويوجد أهداب، ويوجد أعصاب، لما تميل ميلاً قليلاً ينتبه الإنسان يُعَدّل، لولا هذا الجهاز لا يوجد راكب دراجة، من خلق هذا الجهاز؟ الله عز وجل سلمنا.
أيها الإخوة؛ السلام هو إلهنا، وربنا، سلِمت ذاته من كل عيب، وسلَّم خلقه من كل ضرر، والسلام من أسماء الذات، ومن أسماء الأفعال، أعطى السلامة لخلقه، أي الطعام الفاسد تتقيؤه، لماذا؟ الجنين المشوه يسقط، لا يبقى، من أسماء السلام.
لا شيء يعلو على مرتبة العلم:
لكن الملخص أيها الإخوة؛ أنه ما من مشكلة على وجه الأرض-كلام دقيق-إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء الإنسان، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
أيها الإخوة الكرام؛ ما من عطاء إلهي يفوق العلم، دقق في هذه الآية:
﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾
أسماء الله الحسنى حينما تعرفها يجب أن تتبدل جذرياً، أن تتبدل مئة وثمانين درجة، أولاً: تُحِب الله، تعبده، تطيعه، تتخلّق بهذا الخُلق.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
الملف مدقق