وضع داكن
06-11-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 026 ب - اسم الله الأحد 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 

الكون يشهد أن الله الأحد الفرد الصمد:


أيها الإخوة الكرام؛ لا زلنا في اسم الأحد، وقد بينت في اللقاء السابق أن الواحد الذي لا شريك له، بينما الأحد الأحدُ الذي لا ندّ له، ولا مثيل له، ولا مُشابه له، لا يغيب عن بالكم أن الأعداد على نوعين، أعداد كمية، وأعداد نوعية، فقد تقول: التقيت بأربعة طلاب، هذا عدد كمي، وقد تقول: هذا الطالب ترتيبه في النجاح الرابع، الرابع نوعي، الأربعة كمي، لذلك الله واحد أي لا شريك له، لكن الله أحد أي لا ندّ له، ولا شبيه له، ولا مماثل له.
أيها الإخوة؛ في هذا الكون العظيم، كلمة كون عبّر عنها القرآن الكريم بالسماوات والأرض، والكون أو السماوات والأرض ما سوى الله، في هذا الكون حقيقة واحدة أحدية هي الله، الحق كل ما يؤكد وجود الله، ووحدانيته، وكماله هو الحق، والحق كل عمل تتقرب به إلى هذه الحقيقة الوحيدة الأحدية، اعتقادًا كل ما يؤكد وجود الله ووحدانيته وكماله هو الحق، وسلوكاً كل عمل يُقرّب إليه هو الحق، هذا كلام شمولي، وأما الباطل كل ما يُغفل هذه الحقيقة العظمى الأحدية أن الله موجود، وأن الله واحد، وأن الله كامل، فهو الباطل، أي تَوَجّه إلى غير الله، أيّ تشريع صادر عن غير منهج الله، أي تقييم لعمل بعيد عن منهج الله، أي شيء يبتعد عن الله فهو الباطل، بل أي عمل يُبعدك عن الله أو يجعل حجاباً بينك وبين الله فهو باطل، هذا كلام شمولي.
الله عز وجل أحدي، واحد أحد، فرد صمد:

﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)﴾

[ سورة الإخلاص ]

هو الحقيقة الأحدية، ولا شيء سواه، ما سواه خاضع له، فأيّ فكر، أيّ كتاب، أي تأليف، أية قصة، أي عمل، أي طرح، أي تفسير، أي تعليق يؤكد وجود الله، ويؤكد وحدانيته، ويؤكد كماله فهو الحق، وأي إغفال، أو إبعاد عن هذه الحقيقة فهو الباطل، وأي عمل يُقرّب إليه فهو السلوك الحق، وأي عمل يحجب عنه فهو السلوك الباطل، هذا تعريف جامع مانع للحق والباطل.
 

الخير كله في اتباع منهج الواحد الأحد:


الآن أما الخير فكل عمل أو كل تصور ينطلق من منهج الله فهو الخير، وكل عمل أو كل تصور يُناقض منهج الله عز وجل فهو الشر، وإذ بدا على شبكية العين أنه ممتع، أو أنه نافع، لكن في المآل يُعدّ هذا شراً، إذاً الخير ما جاء به وحي السماء، وما ناقضه فهو شر، وإن بدا للناس ممتعاً أو مريحاً، أو يُعَدّ كسباً لهم.
الآن الجمال الحقيقي كل ما اشتُقّ من الله عز وجل، من تصور، أو من موقف، أو من عمل فهو الجمال الحق، هناك جمال الأخلاق، هناك جمال التواضع، جمال الوفاء، جمال الرحمة، وأيّ سلوك، أو أيّ تصور لم يؤخذ من منهج الله عز وجل، بل أيّ سلوك تفلت من منهج الله فهو القبح بعينه، أي هذه الحقيقة الأحدية هي ميزان الحق، والخير، والجمال.
 

الحق والباطل واللعب:


لكن لابدّ من وقفة متأنية، ما هو الحق؟ الحقيقة أن الحق لابس خلق السماوات والأرض، أي كل شيء خلقه الله عز وجل هو حق، كيف؟ الآية الكريمة:

﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)﴾

[ سورة التغابن ]

قال علماء التفسير: لابس الحق، أي الحق مشى مع كل شيء خلقه الله، لابس خلق السماوات والأرض.
أيها الإخوة؛ ما تعريف الحق؟ أحياناً الله عز وجل وصف آيات القرآن الكريم بأنها مثان، قال بعض العلماء: إن كل آية تنثني على أختها فتفسرها، مثلاً الله عز وجل قال: 

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)﴾

[ سورة ص ]

الآية الثانية: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ ما هو الحق؟ نقيض الباطل، ما هو الباطل؟ الشيء الزائل، فأي شيء باقٍ على الدوام إلى أبد الآبدين هو الحق، وأي شيء زائل هو الباطل، وقد قال الله عز وجل: 

﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)﴾

[ سورة الإسراء ]

وزهوق على وزن فعول، وفعول من صيغ المبالغة، وإذا بالغنا بالشيء فالمبالغة تتجه إلى الكم أو النوع، أي أكبر باطل بالمئة سنة الماضية، الباطل الذي شغل نصف العالم الشرقي، والذي رفع شعار: لا إله، ألم ينتهِ؟ ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ هذا الباطل عنده من القنابل النووية ما يُدمّر به القارات الخمس خمس مرات، ومع ذلك: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ أي مليون نوع من الباطل زاهق، وأكبر باطل زاهق، فصيغة المبالغة تنصبّ على الكم أو النوع.
فلذلك: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ تعريف الحق ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾ فالحق نقيض الباطل، والباطل هو الشيء الزائل، إذاً الحق هو الباقي، كم مذهب وضعي ظهر في الأرض؟ كم أيديولوجيا مِن صنع الإنسان ظهرت ثم انتهت بل ثم أصبحت في الوحل؟ لأنها باطلة، أما هذا الدين العظيم، مع أن العالم كله في قاراته الخمس يحاربه، بل إن حرباً عالمية ثالثة أُعلنت على هذا الدين وهو شامخ كالطود، وهو يزداد نمواً، بل هو الدين الأول نمواً.
هذا الذي دعا بعض العلماء الغربيين الذين هداهم الله إلى الإسلام، وقد زاروا جالية إسلامية في بريطانيا، وزارنا عالم كبير في دمشق، وذكرت له هذا القول فقال: أنا سمعت هذا القول من فمه، وقاله أمامي، قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور، لاتساع الهوة بينهما، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لا لأنهم أقوياء، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، بشرط أن يُحسِنوا فهم دينهم، وأن يُحسنوا تطبيقه، وأن يُحسنوا عرضه على الطرف الآخر، فلذلك الحق نقيض الباطل، والباطل الشيء الزائل، والحق الشيء الثابت والباقي، للتقريب قد نُنشِئ جامعة، نبني هذه الجامعة بطريقة كي تكون مستمرة لمئات السنين، أساسات، وحجر، وكسوة من الطراز الأول، لأن هذا البناء بالتعبير الأرضي وجِد ليبقى، لكن قد يُنشَأ سيرك في ظاهر المدينة من خيمة لأنه مؤقت، أسبوعان، قد نُنشِئ جناحاً في معرض من كرتون أحياناً، من قماش، من مواد رخيصة جداً لأن هذا المعرض وجِد لينتهي، وهذا السيرك وصل إلى بلدة معينة ثم يرحل، فالشيء الثابت الدائم الباقي هو الحق.
هناك معنى آخر، الله عز وجل قال:

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)﴾

[ سورة الأنبياء ]

ما هو اللعب؟ هو العبث، أي عمل بلا هدف، اثنان جلسا ليلعبا النرد إلى الساعة الثالثة ليلاً، ماذا ينتج عن هذا؟ عمل بلا هدف، تضييع للوقت، بتعبير آخر قتلٌ للوقت، أما لو قرأت كتاباً، لو التحقت بجامعة، لو قرأت الكتاب المقرر، وهناك امتحان، ونجحت أخذت شهادة، الشهادة فيها تعيين، التعيين فيه دخل، الدخل معه زواج، والزواج معه بيت، هناك عمل ليس له أي هدف، ليس له أي أثر مستقبلي، هذا الباطل، تضييع للوقت.
 

الإنسان وقت:


بالمناسبة أيها الإخوة؛ الإنسان وقت، الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، وما من يوم ينشقّ فجره، إلا وينادي: يا بن آدم! أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة، إذاً الحق نقيض الباطل، والباطل الشيء الزائل، فالحق إذاً الشيء الثابت والباقي والدائم، الآن الحق نقيض اللعب، واللعب هو العبث، والعبث عمل بلا أثر مستقبلي.
 

صفات اللعب:


من صفات اللعب، لما طفل يشتري له أبوه سيارة صغيرة، ويمضي وقتاً طويلاً في تحريكها فوق أثاث البيت، يُرافق هذا التحريك بصوت منه بحسب صعوبة الطريق، هذه السيارة الصغيرة تملأ عالمه كله، فلو أُخِذت منه كاد يموت من البكاء، حينما يصبح طبيباً، ويُذكَّر بأعماله ألا يضحك على نفسه؟ من صفات اللعب أنك إذا تجاوزته رأيته صغيراً، هذا لعب، وقت ضائع، عمل لا طائل منه، عمل لا هدف له، عمل لا جدوى منه، فلذلك ورد في بعض الأحاديث:

(( عن سهل بن سعد الساعدي: إنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعاليَ الأخلاقِ، و يَكرَهُ سَفْسافَها. ))

[ صحيح الجامع: خلاصة حكم المحدث :صحيح أخرجه الطبراني ]

 

بطولة الإنسان أن يربط نفسه مع الحق:


قال تعالى: 

﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7)﴾

[ سورة النجم ]

هناك إنسان بالأفق الأعلى، وهناك إنسان بالأفق الأدنى، هناك إنسان تشغله معالي الأمور، هناك إنسان يعيش في سفسافها ودنيّها، فلذلك الحق هو الشيء الثابت والهادف، ليس باطلاً فهو ثابت، وليس عبثاً فهو هادف.
الآن الإنسان أين بطولته؟ أين ذكاؤه؟ أين عقله؟ في أن يربط نفسه مع الحق، فإذا ربط نفسه مع الحق له مستقبل في الدنيا والآخرة، أما إذا ربط نفسه مع الباطل، مادام هذا الباطل قائماً ينعم به، فإذا أُزِيح الباطل انتهى معه، فكل الذكاء، وكل البطولة، وكل النجاح، وكل الفلاح، وكل التوفيق، أن تربط نفسك مع الحق الأزلي الأبدي الثابت الباقي في الدنيا والآخرة.
هؤلاء الذين وقفوا مع النبي الكريم في محنته، في أقسى أيام الدعوة، أين هم الآن؟ في أعلى عليين، أسماؤهم في لوحة الشرف، وهؤلاء الذين انضموا للباطل القوي الغني، قريش بقدرتها، وغناها، وأسلحتها، وحقدها، وفتكها، أين هم الآن؟ في مزبلة التاريخ.
أيها الإخوة؛ كلام دقيق، الله عز وجل واحد أحد، فرد صمد، الحقيقة الإلهية حقيقة أحدية، الآن أيّ تصور، أيّ فكر، أيّ طرح، أي تصور يؤكد وجود الله ووحدانيته وكماله فهو الحق، وأي سلوك يُقرِّب إليه فهو الحق، وأي إغفال لهذه الحقيقة الأحدية فهو الباطل، وأي سلوك يُبعِد عنها فهو الباطل، من هنا كانت البطولة أن تكون مع الحق، أن تكون مع الشيء الثابت.
يروى أن أحد خصوم أبي حنيفة النعمان التقى به عند جعفر المنصور، أراد هذا الخصم أن يوقع أبا حنيفة في حرج كبير، قال له: إذا أمرني الخليفة-هو في حضرة الخليفة-أن أقتل إنساناً أأقتله أم أتريث فلعله مظلوم؟ فسأله: الخليفة على الحق أم على الباطل؟ قال له: على الحق، قال له: كن مع الحق، سؤال محرج جداً في حضرة الخليفة، وكان شديداً وقاسياً جداً، فسأله أبو حنيفة: الخليفة على الحق أم على الباطل؟ لا يتجرأ أن يقول: على الباطل، قال له: على الحق، قال له: كن مع الحق، فلما خرج قال: أراد أن يقيدني فربطته.
إخواننا الكرام؛ مرة ثانية: النجاح كل النجاح، الفلاح كل الفلاح، الفوز كل الفوز، التفوق كل التفوق، البطولة كل البطولة، أن تكون مع الحق، مع الثابت، أن تكون مع الله، سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعِز من عاديت. 
 

كل متاع الدنيا إلى مللٍ وفناء:


الآن يوجد عندنا حقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس، لأنك مخلوق لمعرفة الله، لأنك مخلوق للجنة، لأنك مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض، أنت في أصل التصميم لا نهائي، أي لا يوجد يملؤك إلا الله، أما أن تختار وظيفة، بعد أن تصل إليها تَمَلّ منها، تختار المال بعد أن تحوزه تَملّ منه، أن تختار المرأة، الشيء الأول الذي يُمْتِعك بعد حين تملُّها، كل شيء ما سوى الله يُمَل، وكل شيء ما سوى الله يخبو لمعانه، وكل شيء ما سوى الله لا يمكن أن يُمِدَك بسعادة مستمرة، بل متناقصة، هكذا شاءت حكمة الله، هؤلاء الذين بلغوا كل أهدافهم المادية، يعيشون بحالة ملل، وسأم، لأن نفسه مصممة لأن تعرف الله.
بشكل أو بآخر أنت حينما تختار هدفاً أرضياً، وأنت مصمم لمعرفة الله، هذا الهدف مادام بعيداً عنك لعلك تحلم به، فإذا وصلت إليه انتهى، هذه مشكلة الناجحين في الحياة، لذلك في مرة جسر بين قارتين، يُعد ثاني جسر في العالم، أثناء افتتاحه يفتتحه رئيس الجمهورية، وإلى جانبه المهندس من بلد يُعَد أحد خمسة مهندسين في العالم، بعد أن قُصّ الشريط الحريري ألقى بنفسه في البحر، طبعاً نزل ميتاً، فذهبوا إلى غرفته في الفندق فقد رأوا ورقة كتب عليها: ذقتُ كل شيء في الحياة فلم أجد لها طعماً، أردت أن أذوق طعم الموت.
لا يوجد أصعب من إنسان يعيش بلا هدف، إن ربطت نفسك مع الحق أنت مع الله، أنت مع الباقي، الأزلي، الأبدي، الذي كل شيء بيده، وإن لم تصل لهذه الحقيقة قد تستمتع بالمال أحياناً، بالمرأة أحياناً، بقصر، ببيت، بمركز، بمنصب، هذه الأشياء بعد أن تصل إليها تفقد لمعانها، ويخبو بريقها، وتشعر أنها أصغر بكثير مما كنت تتوقع.

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)﴾

[ سورة الكهف ]

مستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تسعد بغير الله، والدليل: 

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾

[ سورة الرعد ]

هناك فراغ في النفس لا يملؤه المال، لا يملؤه المنصِب، لا يملؤه الزوجة الجميلة، لا يملؤه إلا معرفة الله، أنت في أصل التصميم مصمم لمعرفة الله، فأي شيء ما سوى الله صغير جداً أمامك، قبل أن تصل إليه تتوقع أنه سيسعدك، لكن بعد أن تصل إليه تكتشف الحقيقة المرة أنه ليس بشيء، أحياناً بالبدايات يكون المال كل شيء، بمنتصف الحياة المال شيء، أما على فراش الموت المال ليس بشيء، لهذا مرّ عليه الصلاة والسلام فقال: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقِرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم.
 

كن مع الحق فالمستقبل لك:


إذاً معنى الله الأَحَد، أي حقيقة أحدية، أيّ شيء يؤكد وجوده، وكماله، ووحدانيته فهو الحق، أي سلوك يُقَرّب إليه فهو الحق، وأي تصور يُغفِل ذاته العلية فهو باطل، وأي حركة تبعدك عنه فهي الباطل، فلذلك كن مع الحق، ولا تخشَ أحداً، كن مع الحق فالمستقبل لك، كن مع الحق فخطك البياني في صعود مستمر.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)﴾

[ سورة فصلت  ]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور